وتنقسم العقيدة إلي جزئين رئيسيين وهم :-
1. تطور الديانة وبعض المعلومات عن الآلهة والكهنة .
2. فكرة الموت والخلود.
أولاً : تطور الديانة:
إن الفكر العقائدي والحياة اليومية عند المصري القديم امتزجا ليكونوا كتلة واحدة ،حيث تحكم المعتقدات الدينية تصرفات المصري وحياته الاجتماعية أيضا .
ولقد ظهرت الآلهة نتيجة لتأثر المصري القديم بالبيئة فحيثما يشعر بالرهبة والخوف من شئ فانه يقدسه لاجتناب شره، ويظن انه بتأليه هذا الشيء و تقديم القرابين له يبعد خطره ثم يتطور الأمر إلى اعتبار هذا الشيء إلها يساعد كل المؤمنين و يكون هذا الإله المتصرف في كل شئ. وكما أنه عندما يشعر بعظمة شئ و فائدته الكبرى فانه يتخذه إلها و أيضا عندما يعجب المصري بمهارة حيوان يتخذه إلها .ومن أمثلة الحيوانات التي اتخذها آله لاجتناب شرها: اللبؤة التي تتمثل في الإلهة "سخمت" و من أمثلة الأشياء التي اتخذها آلهة لفائدتها الكبرى و عظمتها الشديدة :الشمس في صورة الإله "رع"، حيث تأثر المصري بمشهد إرسال الشمس أشعتها علي أرض مصر بما فيه من رهبه و جمال .و أيضا النيل اتخذه إلها، متمثل في "أوزوريس" ذلك لأن النيل واهب الحياة لمصر،و كما انه يملئ مصر في وقت الفيضان بالطمي الخصب الذي جعل من الوادي أرض خصبة للزراعة و لنشأة الحضارة نتيجة للاستقرار .ومن أمثلة الآلهة التي تدل علي إعجاب المصري ببعض الحيوانات :الكبش المتمثل في صورة الإله "خنوم" حيث أعجب المصري بقدرته الجنسية فأتخذه إلها يخلق البشر وقد كانوا يصوروه يصنع الإنسان من تمثالين واحد للإنسان والآخر لقرينه . و بالإضافة إلى الالهة العامة كان لكل إقليم إله محلي ينظر إليه باعتباره الحامي للإقليم ويعتبر السلطة العليا وكل شئ يكون تحت رعايته وتخطيطه ، وعندما بدأ الاتصال بين المقاطعات عن طريق التجارة أخذت بعض الآلهة المحلية تختفي وأخرى يعظم شأنها وأيضاً عند الحرب فإن إله المدينة المنتصرة يعظم شأنه ويعبد في كلتا المقاطعتين المنتصرة والمهزومة. في بعض الأحياء تندمج بعض الآلهة الصغيرة مع إله عظيم الشأن ويستولي على كيانهم فيصبحوا كيان واحد.
وعند التوحيد بين الوجه القبلي والوجه البحري على يد نارمر الذي يعتقد أنه هو نفسه الملك مينا، أصبح إله العاصمة هو المعبود الرئيسي وأصبحت بعد ذلك كل الآلهة الأخرى آلهة ثانوية فأضطر الكهنة من أجل الحفاظ على مكانتهم ومعبوداتهم إلي إعلان أن معبوداتهم أقنوم (أصل – صورة) من أقانيم الإله الرئيسي.
و تنقسم الآلهة المصرية عامة إلي عدة أقسام ليسهل التعرف على الآلهة والفروق بينها:-
1. آلهة محلية : اتخذوا في الأصل شكل حيوان ثم مثلوا بأجسام بشر ورءوس حيوانات .
2. اوزوريس ومعبودات تابعة له.
3. معبودات لا معابد لها خاصة أصلاً بالفرعون وحده.
4. الشمس وغيرها من المعبودات الشكلية.
العبادة:
كانت كل الشعائر التي تتم في معابد مصر تكون تحت نفقة الملك وهذه الشعائر تتم سراً في قدس الأقداس (أقدس منطقة في أي معبد حيث يوجد بها تمثال إله المعبد الذي يتجسد فيه وتقدم له القرابين) ولا يشترك العامة في هذه الطقوس عادة حيث يقوم بكل الشعائر كهنة منوطين بهذا العمل تحت اسم الملك حيث لا يحضر إلي قدس الأقداس سوى الكهنة المختصين بهذا الإله والفرعون. قبل كل شئ يجب ان يتطهر الكاهن القائم بالعمل في بيت الصباح (وهوالمكان الذي يتم فيه عملية ذبح القرابين من أجل الإله) وأما تمثال الإله فكان يوضع في تابوت ويختم بختم مصنوع من الطين بعد انتهاء اليوم وتقديم القرابين. وفي الصباح بعد أن يكون الكاهن قد أنتهى من التطهر فإنه يتوجه إلي قدس الأقداس ثم يفض الختم المصنوع من الطين ليفتح التابوت ليخرج التمثال من مكمنه . وبعد ذلك يسجد ويبخر التمثال ويعطره ويرتل بعض الأناشيد وحتى ذلك الوقت يكون ذلك تمثال الإله لم يتجسد فيه الإله بعد فيعطيه الكاهن الحياة بتقديم عين حورس له والتي انتزعها من " ست " وعثرت عليها الآلهة ، ثم يقدم له تمثال صغير للمعبودة "معات" ابنة رع ( معات = الحقيقة) ثم يخرج المعبود من التابوت ويأخذ الكاهن في تزينه وغسله ويبخره ويلبسه ثيابه ثم يعيده داخل التابوت ،و يقدم له كل نوع من أنواع الطعام ثم يحرقه ( يضع الطعام في يديه ويقدمه للمعبود ولكن المعبود لا يأكل لذا فإن الكاهن يقوم برميه في النار ). وبذلك تكون وصلت إليه القرابين. وفي نهاية اليوم يقوم الكاهن بتطهير كل شئ ثم يغلق التابوت ويضع الختم الطيني وبعد ذلك يتراجع الكاهن مولياً وجهه للإله ومزيلاً آثار الخطوات .
وكما ذكرنا سابقاً كان الوحيدون الذين يرون الإله هم الكهنة والفرعون، وذلك بسبب أن الآلهة التي كانت لها معابد كانت مختصة بالفرعون وحده أما عامة الشعب فكانوا يعبدون آلهة شعبية ليست لها معابد. ولكن في العصور اللاحقة أصبح العامة يعبدون بعض الآلهة الشعبية التي عظم شأنها فأصبح لها معابد، وأيضا عبدواً الآلهة التي كان يعبدها الفرعون الذي يعتبر ابن الآلهة وإلهاً بعد موته حيث ينضم لأسلافه.
وإذا أراد فرد من العامة استشارة المعبود في أمر ما ، كان ذلك يحدث أثناء موكب الإله حيث أنها المرة الوحيدة التي يرى فيها العامة المعبود لأن الاستشارة تحتاج إلي رؤية المعبود لأنها ليست مجرد دعاء أو طلباً للخير كما كان يفعل العامة في المعبد دون رؤية المعبود.
ومن امثلة الاستشارات التي تعرض على الإله : تعيين موظف ما أو تأكيد ذنب شخص ما في عمل جريمة أو لإثبات ملكية شخص لشيء ما، وكانت الإجابة إما أن توحي شفاهه و إما تكتب صيغتين واحدة بالإيجاب والأخرى بالسلب على ورقتين من البردي وتوضع أمام الإله وهو محمول في الموكب وكان يظن أن الإله يدفع حاملي المعبود إلي الاتجاه للتأكيد بنعم أو الاتجاه الأخرى للتقرير بالنفي. أما إذا كان شخص يطلب نبوءة ففي أثناء ذلك إما أن يتحرك المعبود إلي الأمام الذي يكون معناه أن النبوءة في صالح الشخص أو يدفع حاملي المعبود للخلف مما يوضح أن النبوءة ليست في صالح الشخص .
وقد كان يظن أن لم يكن هناك خداعاً من جانب حاملي التمثال، لكن كان الأمر مجرد إيحاء لهم فيظنوا أنهم يدفعون بإرادة الإله .وبعد ذلك حدث اختلاط وامتزاج بين آلهة الفرعون والآلهة الشعبية والدليل على ذلك التوفيق بين اوزوريس ورع حيث ذكرت كهنة رع أن رع كان يزور مملكة اوزوريس بالليل وذكر كهنة اوزوريس أن اوزوريس كان يرتفع إلي السماء ليذكر محاسن الموتى الذين عرضوا عليه ليدخلوا المملكة السفلي عند اوزوريس حيث ينعموا بالنعيم الدائم.
ويستطيع العامة التقرب إلي الآلهة والدعاء لهم لكن لم يستطيعوا في أي عصر الدخول إلي قدس الأقداس ورؤية المعبود فكان المعبود يخرج للعامة على الأقل مرة واحدة في العام التي كانت تترقبه حشود من المؤمنين وكان يخرج على محفة ويستقبل الحجاج هذا العمل بالفرحة والعزف على الناي والدفوف.
كهنة المعبد:
كان كهنة المعبد ينقسمون إلي أربعة أقسام كل قسم يخدم المعبد شهراً على التوالي و كانت الطبقتان الرئيسيتان من الكهنة هما :
"الحم نتر" التي تعني خادم الإله.
"الوعب" التي تعني الطاهر . وتعتبر الوعب هي الطبقة الأدنى. وكما كان للمرأة دور في الكهانة حيث كان هناك كاهنات في بعض المعابد وكانت الملكة تعتبر كبيرة كاهنات آمون وتعتبر زوجة الإله. أما باقي الكاهنات فكن حظيات الإله وكان دورهن في الخدمة الدينية عزف الموسيقى.
هذا بالنسبة للكهنة أما المعبد فكان يضم المعبد بجانب الشعائر الدينية التي يقوم بها الكهنة مدارس لتعليم القراءة والكتابة وأيضاً معاهد فنية تخرج من الموهوبين رسامين وحفارين ومثالين و هؤلاء كان الكهنة يستعينون بهم بعد ذلك بالإضافة إلى مكتبات لكل العلوم وكانوا يهتموا في المعبد بدراسة الفلك وبعض العلوم الأخرى كما كان الكهنة يقومون بتعليم الطلاب العلوم الدينية اللازمة ليصطفوا أفضلهم ليكونوا كهنة بعدهم. وكان يوجد في بعض المعابد شرطة وسجن وفي البر الغربي يوجد رجال الحدود الذين يسموا الميجاوو mejaiou وكانت وظيفتهم تنفيذ أحكام المعبود بالقبض على المخطئين.
الفرعون والآلهة:
كان للفرعون مكانة متميزة وشخصية مزدوجة وذلك لأن المصريين كانوا يعتبروه بشراً ولكن ليس مثلهم حيث أنه في نفس الوقت إلها . وقد كان دوره كإله هو أنه واهب لشعبه كل شئ وكإنسان بأنه مخلوق من المخلوقات الخاصة بالآلهة .وقد كان الفرعون كأنسان يتولى العرش بحق الوراثة باعتباره الوريث الشرعي وباعتباره ابن للإله الأكبر، ولذلك كان يجب على الإله أن يزور الملكة في صورة مرئية لتلد الملكة ابنا للإله وبذلك يحصل الفرعون على الشرعية اللازمة لتولي حكم مصر كإنسان وإله.
وعندما يشيخ الفرعون وجب على المصريين أن يجدوا لهذا تفسير وإجراءات لمواجهة هذا الحدث لذ فقد اعتقد المصريون أن جسد الإله الذي هو جسد إنسان (الفرعون)هو الذي يشيخ ولكن الروح خالدة فيها كل صفات وكمال الإله ولكن لتجنب حدوث آثار كبر على الروح الإلهية أو حدوث موت هذه الروح مع الجسد فكان يجب التضحية بجسد الفرعون لتتجسد الروح في جسد شاب .وبذلك يحافظوا على الروح الخالدة .
وهناك ثلاث طرق للتضحية:
الأولى عن طريق الذبح عندما كان يتحتم إغراق الدم على الأرض .
والثانية بالحرق عندما كان يتعين جمع الرماد ونثره على الأرض أو في القليل النادر عندما ينثر على مياه جارية كرقية لنزول الأمطار.
أما الثالثة عن طريق الاختناق خنقاً أو غرقاً أو شنقاً – وعندئذ تقطع أوصال الجسم الأشلاء في نواح مختلفة من البلاد.
ولتجنب هذا الأمر بدلاً من أن بضحى الملك بنفسه يعين نائباً له ويبقى أياما وأسابيع يتخذ دور الملك حتى يحين موعد التضحية و يضحي به ولم يعرف هل يكمل الفرعون حكمه بعد ذلك أم يتولى الوريث؟
ولكننا نعتقد بأن الوريث كان يأخذ مكانه لكن هذا الرأي يفتقر إلي دليل ، وذلك لأن الوريث الشرعي لا يتولى الحكم إلا بعد موت الفرعون ولكن إن كان هذا صحيحا فإن ذلك يجعل هذه الطقوس لا معنى لها. ونحن لا نعلم الرأي الأصوب فذكرنا الرأيين.
كان يعتقد المصريون أن الآلهة والبشر عاشوا على الأرض سوياً في فترة زمنية سحيقة ويشار إلي هذا الزمن بزمن الآلهة حيث كانت تحكم مصر وكانت القوائم – التي تحتوي على من حكموا مصر تقسم إلي قسمين :-
القسم الأول:- يضم الملوك والبشر بأسمائهم والفقرة الزمنية التي حكموها.
القسم الثاني:- الآلهة والفترة التي عاشوا فيها في مصر فمثلاً الإله تحتوت قد عاش 3726 عاما على الأرض أما الإله جب فقد عاش 1773 عاما وحورس 300 عاماً.
أول حركة توحيد:
عاش المصريون فترة طويلة في زمن تعدد الألهة حتى عهد الملك اخناتون والذي قاد أول حركة توحيد. يعتبر. وحد اخناتون الآلهة في صورة إله واحد سماه آتون ورمز له بقرص الشمس المشعة التي ترسل أشعتها بالخير، كما سمي نفسه إخناتون أي المرضي لآتون ولم يكن إخناتون مهتما بالناحية العسكرية وذلك لوهن جسده واعتلال صحته وربما كان هذا هو السبب لاهتمامه بالفكر و الدين ،ولكن توحيده للآلهة في صورة إله واحد سبب ثورة عارمة حيث كان في ذلك الوقت كهنة آمون ذو نفوذ قوي مما أدي لقيامهم بثورة لذا ثورة كهنة آمون قام إخناتون باضطهادهم وعمل على محو ذكرى الإله آمون من المعابد والآثار كما عمل على نشر عبادة آتون في البلاد فاتخذ منطقة تقع تقريبا في منتصف المسافة بين مدينتي طيبة ومنف في جوار قرية العمارنة بمصر الوسطى أتخذها عاصمة له و اسماها "اخيتاتون".
وأنشغل اخناتون بعبادة أتون وأهمل الأحداث الجارية بالممتلكات المصرية في فلسطين وسوريا حتى كادت تقع تحت سيطرة الأعداء .
وبعد وفاة إخناتون دفن بالعاصمة الأصلية "طيبة " وتولى الحكم بعده توت عنخ آتون أي الصورة الحية لآتون وعلى يد هذا الملك الشاب أصبحت عبادة آمون مسموحة وتحول اسمه إلي توت عنخ آمون ورجع إلي العاصمة الأصلية "طيبة" لإظهار التسامح كما طرد الأعداء واستطاع أن ينتصر في معارك عديدة. ويفسرالكهنة ذلك الانتصار أن توت عنخ أمون عندما رجع إلي الآلهة القديمة رضت عنه وأعطته النصر ولكن في عهد إخناتون غضبت الآلهة فجعلت الجيش عاجزاً.وبذلك رجعت مصر ثانية إلي عصر تعدد الآلهة.
اعداد الطالبة:إسراء عبدالقادر 1/5
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق